مع القرآن " و أن ليس للإنسان إلا ماسعى " / الشيخ محفوظ إبراهيم فال

الحقيقة الكبرى التي تكبر مع العقل كلما كبر ومع التجربة كلما نضجت أن الإنسان خلق ليعمل وينصب ويكدح ويتعب عمارة للارض ورعاية لأمانة الاستخلاف وعبادة للرب وشكرا له وذكرا وتوبة إليه وأوبة 
وأن للراحة والإقبال على التنعم دارا أخرى يكون الشاغل فيها التنعم والتفنن فيه {{ إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم 
وأز واجهم في ظلال على الأرائك متكئون لهم فيها فاكهة ولهم فيها ما يدعون سلام قولا من رب رحيم }}

كان ابن لأحمد رحمه الله يرق من دأب أحمد في العبادة وتعبه في الطاعة ويشفق عليه من ذلك  فيستعطفه يأبتاه متى الراحة ؟،،
فيجيب احمد ؛
( عند أول قدم نضعها في الجنة )
وقال لمن أراد منه أن لا يتحمل بلاء الصدع بالحق ومتاعب مواجهة الظلمة (( إن كان هذا عقلك فقد استرحت ))

ومن هنا كان كل إهدار للطاقة وتضييع للوقت فردية أو جماعية خسارة في الدنيا وحسرة في الآخرة وما أوتي الإنسان من شيء أعظم من سوء تقديره لذالك وعيشه على الأماني الفارغة والاتكال على نسب أوحسب وإدمانه على الكسل والتسويف 
ونصوص الوحي مليئة بشحذ الهمم للعمل ورد أباطيل المغرورين ويكفينا في ذلك حياة الأنبياء وما كانوا عليه من دأب لا يعرف الفراغ وعمل لا يعرف الكلل ولاالملل وما ذلك إلا لعلمهم بالحقيقة التي قررها الله تعالي في الحكمة من الخلق ؛

{{ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا }}

وإن مشهد بروز الأعمال وحضورهاوعلمها وإحصاءها يوم القيامة من أكثر المشاهدا عرضا وأعظمها في تربية المسلم

{{ علمت نفس ما قدمت وأخرت }} {{ علمت نفس ما أحضرت }} {{ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا }}
{{ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزيه الجزاء الأوفى }} {{ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا }} {{ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره }}

وفي الرد على أهل الدعاوى الباطلة من المفترين المغرورين الذين يزعمون مقاما لم ترفعهم اعمالهم إليه اوقربا لم يسعو إليه بجهدهم يقول الله : تعالى ؛

{{ ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا }} {{ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه }}
وبين أن افتراءهم سيخونهم يوم الحق عند المولى الحق فيصير إلى ضلال واضمحلال فقال ؛

{{ هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله موليهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون }} 

وهذا من أخوف المشاهد حين يختبر الإنسان عمله بنفسه ويقف على جودته ورداءته ومغشوشه وخالصه في سوق لا يروج فيها المغشوش والعرض على السميع البصير العليم الخبير والمنافسون فيها المصطفون الأخيار اللهم سلم سلم 

ويقرر هذه الحقيقة الكبرى  النبي صلى الله عليه وسلم فيبطل ثقة الواثقين بأنسابهم المعولين على أحسابهم فيقول ؛

( من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ) وهو حديث من جوامع الكلم التي أعين بها صلوات الله وسلامه عليه ومفهوم 
الحديث كمنطوقه وهو أن من أسرع به عمله لم يبطئ به نسبه فالعمل وحده يسرع أويبطئ بك يرفعك اويخفصك يقربك أويبعدك 
ومن حكم علي رضي الله عنه ؛

(( الأماني رأس مال النوكى )) أي الحمقى وقال ابن نباتة ؛
يفوت ضجيع التُرهات طِلابه * ويدنو إلى الحاجات من بات ساعيا
وقال المتنبي ؛

كذا فليَسْر من طلب الأعادي  * ومثل سُراك فليكن الطِلاب 

إن أمة الإسلام اليوم فردا وجماعة أحوج ما تكون إلى الإنجاز والإنتاج ايا كان مجاله ماديا أوعلميا فتكاد تفلس إن لم يتداركها الله بيقظة تسترد بها خلق صدرها الأول في محاسبة 
النفس على العمل والعطاء والسير الحثبث نحو المجد بدفع ثمنه والتجارة في سوقه 

لا تحسب المجد تمرا أنت آكِله * لن تبلغ المجد حتى تلغق الصبرا

أصلح الله شأننا وشأن المسلمين أجمعين

8 December 2021