مع القرآن 2 { الله أعلم بما في أنفسهم } لفضيلة الشيخ محفوظ ابراهيم فال

حين طلب قوم نوح طرد المستضعفين رد عليهم نوح عليه السلام بما حكى الله عنه ؛
{ ولا أقول للذين تزدري_أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله_أعلم بمافي انفسهم إني إذا لمن الظالمين }
فبحسبما في أنفسهم يقربهم او يبعدهم يطردهم أويؤيهم
أما من لا يعلم مافي انفس الناس فلا يعلم ما لهم عند الله
فليرح أقوام أنفسهم من تقسيم الدرجات والدركات ورفع المخفوض وخفض المرفوع حتى لا يكونوا من الظالمين الجاهلين
وليتنافس المتنافسون في إصلاح نفوسهم فهي مصدر عطائهم وحرمانهم
{ أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير }
{ إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال }
وليهتموا بالسرائرالتي في علم الله ظواهر
وليطهروا القلوب التي هي محل نظر علام الغيوب
وقد بين الله تعالى في قوله ،
{ إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا }
أنه كما يحرم بما في النفوس لا يعطي إلا بما في القلوب
وقد بين نوح سببا آخر في عدم طرد المستضعفين وذالك ما أخبر به الله تعالى عنه قبل هذا في قوله ؛
{ وما أنا يطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون وياقوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون }
فاخاف من عقابه إذا طردتهم وآثرت الجاهلين به على العارفين به والمدبرين عنه على المقبلين عليه
وفي هذا تعليم للقادة أيا كانوا أن لا تختل موازينهم فيقدموا على غير أساس التقوى فيكونون ممن يجهلون كما صارح به نوح قومه ؛
{ إني أراكم قوما تجهلون }
ثم بين نوح براءته من ادعاءات صانعي الهالات والخوارق لأنفسهم
{ ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك }
وهو مسلك معهود من أنبياء الله وقد أمر الله نبينا محمدا صلى ألله عليه وسلم بقوله ؛
{ قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يحيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداإلا بلاغا من الله ورسالته }
{ ماكان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوءةثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله }
فغاية جهد الأنبياء أن ياخذوا الناس إلى ميدان الافتقار والاضطرار للواحد القهار العزيز الجبار ويخلصوهم من كذب الادعاءات لحقوق رب البريات جل وعلا
نفعنا الله بالقرآن ورفعنا وجعله حجة لنا لا علينا